أخبار

هيومن رايتس ووتش: إعدام الصحفي تركي الجاسر يشير إلى استخدام هذه العقوبة لسحق المعارضة

تاريخ النشر:2025-08-11

أثار إعدام الصحفي تركي الجاسر في ١٤ يونيو مخاوف من أن تكون السلطات السعودية تستخدم عقوبة الإعدام لقمع المعارضة السلمية.
إذ قالت هيومن رايتس ووتش في بيانها الصحفي اليوم إن السلطات السعودية تنفذ موجة متصاعدة وغير مسبوقة من الإعدامات في العام 2025 دون احترام الإجراءات القضائية الواجبة.
وذكرت المنظمة أن  السلطات السعودية  أعدمت241 شخصا على الأقل في العام 2025 حتى 5 أغسطس/آب، ونُفِّذ 22 إعداما في الأسبوع الماضي وحده، وفقا لمنظمة "ريبريف" الدولية لحقوق الإنسان. وأفادت المنظمة أن عدد الإعدامات في العام 2025 سيتجاوز جميع الأرقام القياسية السابقة إذا استمرت بالمعدل نفسه.
وقال مدير أول لمكافحة الاستبداد في مركز الديمقراطية في الشرق الأوسط والأمين العام لحزب التجمع الوطني الدكتور عبدالله العودة : "السعودية تعدم خلف الأبواب المغلقة نشطاء وصحفيين سلميين عقب محاكمات مسيّسة. هذا القتل برعاية الدولة انتهاك لحقوق الإنسان الأساسية وكرامته، ولا يمكن للعالم أن يتجاهله".

وقالت باحثة السعودية والإمارات في هيومن رايتس ووتش جوي شيا "استخدمت السلطات السعودية نظامها القضائي سلاحا لتنفيذ عدد مرعب من الإعدامات في العام 2025. ارتفاع الإعدامات ما هو إلا أحدث دليل على الحكم الاستبدادي الوحشي لولي العهد الأمير محمد بن سلمان".

وأكدت هيومن رايتس ووتش أن الخروقات المتفشية للإجراءات القانونية الواجبة والانتهاكات المنهجية ضد المتهمين في المحاكم ونظام العدالة الجنائية في المملكة تجعل من المستبعد للغاية أن يكون أي من الذين أُعدموا في العام 2025 قد نالوا محاكمة عادلة. وكان الجاسر أول صحفي تعدمه السلطات السعودية منذ قتل جمال خاشقجي في أكتوبر 2018. ويشترط القانون السعودي أن يوافق الملك أو ولي العهد على جميع أحكام الإعدام.
والجاسر كان كاتباً وصحفياً ومدوناً سعودياً بارزا. كتب في صحيفة "التقرير" المستقلة التي دافعت عن الديمقراطية وحقوق الإنسان، والتي أغلقتها السلطات السعودية في سبتمبر  2015.
في مارس 2018، داهمت السلطات السعودية منزل الجاسر وصادرت أجهزته الإلكترونية واعتقلته خلال حملة قمع واسعة ضد المعارضين. احتجزت السلطات الجاسر في سجن الحائر سيئ السمعة، حيث تعرض للتعذيب والعديد من الانتهاكات.
وأشارت المنظمة أن وزارة الداخلية أصدرت بيانا أعلنت فيه إعدام الجاسر، متهمة إياه بارتكاب "عدد من الجرائم الإرهابية"، منها "زعزعة أمن المجتمع واستقرار الدولة". لم تقدم السلطات تفاصيل أو أدلة على هذه الجرائم المزعومة.
وبحسب مركز الديمقراطية في الشرق الأوسط أن السرية أحاطت باعتقال الجاسر، واعتقاله، ومحاكمته، وإعدامه. زارته عائلته قبل وقت قصير من إعدامه، لكنها لم تتلقَّ أي معلومات أو مؤشرات على أنه حُكم عليه بالإعدام أو أن إعدامه وشيك، لم تستلم عائلة الجاسر جثته. 

وقالت المنظمة في بيانها أن نشطاء سعوديون يعتقدون أن إعدام الجاسر تم عمدا في اليوم التالي لهجوم إسرائيل على مواقع عسكرية ونووية إيرانية رئيسية، حين كان يفترض أن وسائل الإعلام الإقليمية والدولية غير مركزة على الأحداث في السعودية.

ولفتت هيومن رايتس ووتش أنه  في 27 فبراير 2024، أعدمت السلطات السعودية عبد الله الشمري، المحلل السياسي السعودي المتخصص في تركيا. في بيان أعلن فيه عن الإعدام، اتهمت وزارة الداخلية الشمري بارتكاب جرائم إرهابية مختلفة، منها "خيانة وطنهم وتهديد استقراره وتعريض أمنه للخطر". كان الشمري يلتقي بانتظام مع صحفيين من وسائل إعلام بارزة وظهر كمعلق سياسي على شاشات التلفزيون.
وذكرت إدانة محكمة الإرهاب في يوليو ٢٠٢٣  المدرّس السعودي المتقاعد محمد الغامدي بجنايات عدة تتعلق حصرا بتعبيره السلمي على الإنترنت. حكمت عليه بالإعدام، مستخدمة تغريداته، وإعادة تغريداته، ونشاطه على "يوتيوب" دليلا ضده. خُفِّفت عقوبته لاحقا إلى 30 عاما في السجن.كما يسعى المدعون العامون إلى فرض عقوبة الإعدام على عالم الدين الإسلامي البارز سلمان العودة بتهم غامضة متعددة تتعلق بتصريحاته السياسية السلمية ومواقفه، وكذلك على المفكر الإصلاحي الديني حسن فرحان المالكي بتهم غامضة تتعلق بأفكاره الدينية السلمية.

وقالت هيومن رايتس ووتش ومركز الديمقراطية في الشرق الأوسط إن هذه الحالات تبرز استخدام السلطات السعودية عقوبة الإعدام بشكل متزايد سلاحا لقمع حرية التعبير في المملكة.
كما انتقدت الاحتجاز المطول دون تهمة أو محاكمة، والحرمان من المساعدة القانونية، واعتماد المحاكم على اعترافات انتزعت تحت التعذيب كأساس وحيد للإدانة.

وذكرّت هيومن رايتس بالمعايير الدولية لحقوق الإنسان، بما فيها "الميثاق العربي لحقوق الإنسان" الذي صادقت عليه السعودية، أنها تُلزم لدولة التي تطبق عقوبة الإعدام ان تقتصر في استخدامها على "أخطر الجرائم" وفي ظروف استثنائية. أصدرت "مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان" بيانا في نوفمبر/تشرين الثاني 2022 بشأن المعدل المقلق للإعدامات في السعودية بعد أن أنهت وقفا غير رسمي لمدة 21 شهرا لاستخدام هذه العقوبة في جرائم المخدرات.

المصدر